بسم الله الرحمن الرحيم
. *** الصــبــر***
الصبر هو أن يلتزم الإنسان بما يأمره الله به فيؤديه كاملا، وأن يجتنب ما ينهاه عنه،
وأن يتقبل بنفس راضية ما يصيبه من مصائب وشدائد، والمسلم يتجمل بالصبر،
ويتحمل المشاق، ولا يجزع، ولا يحزن لمصائب الدهر ونكباته.
يقول الله تعالى:
{ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }
.
الصبر خلق الأنبياء:
ضرب أنبياء الله -صلوات الله عليهم- أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى
من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق
في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه،
ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته،
فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل. يقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-
عن صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمله للأذى :
( كأني أنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي
(يُشْبِه) نبيًّا من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم-
ضربه قومه فأدموه (أصابوه وجرحوه)، وهو يمسح الدم عن وجهه
ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون )
[متفق عليه].
وقد وصف الله -تعالى- كثيرًا من أنبيائه بالصبر، فقال تعالى:
{ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ }
.
وقال الله تعالى:
{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ }
أولو العزم من الرسل هم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى،
ومحمد -عليهم صلوات الله وسلامه-.
وقال تعالى عن نبيه أيوب:
{ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
قد كان أيوب -عليه السلام- رجلا كثير المال والأهل، فابتلاه الله واختبره
في ذلك كله، فأصابته الأمراض، وظل ملازمًا لفراش المرض سنوات طويلة،
وفقد ماله وأولاده، ولم يبْقَ له إلا زوجته التي وقفت بجانبه صابرة محتسبة وفيةً له.
وكان أيوب مثلا عظيمًا في الصبر، فقد كان مؤمنًا بأن ذلك قضاء الله،
وظل لسانه ذاكرًا، وقلبه شاكرًا، فأمره الله أن يضرب الأرض برجله ففعل،
فأخرج الله له عين ماء باردة، وأمره أن يغتسل ويشرب منها، ففعل،
فأذهب الله عنه الألم والأذى والمرض، وأبدله صحة وجمالا ومالا كثيرًا،
وعوَّضه بأولاد صالحين جزاءً له على صبره،
فضل الصبر:
أعد الله للصابرين الثواب العظيم والمغفرة الواسعة، يقول تعالى:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
[ويقول صلى الله عليه وسلم:
( ما أُعْطِي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر )
[متفق عليه].
أنواع الصبر:
الصبر أنواع كثيرة، منها: الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية،
والصبر على المرض، والصبر على المصائب، والصبر على الفقر،
والصبر على أذى
الناس.. إلخ.
الأمور التي تعين على الصبر:
* معرفة أن الحياة الدنيا زائلة لا دوام فيها.
* معرفة الإنسـان أنه ملْكُ لله -تعالى- أولا وأخيرًا، وأن مصيره إلى الله تعالى.
* التيقن بحسن الجزاء عند الله، وأن الصابرين ينتظرهم أحسن الجزاء من الله،
* اليقين بأن نصر الله قريب، وأن فرجه آتٍ، وأن بعد الضيق سعة،
وأن بعد العسر يسرًا، وأن ما وعد الله به المبتلِين من الجزاء لابد أن يتحقق.
قال تعالى:
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
* الاستعانة بالله واللجوء إلى حماه،
فيشعر المسلم الصابر بأن الله معه، وأنه في رعايته.
* الاقتداء بأهل الصبر والعزائم، والتأمل في سير الصابرين
وما لاقوه من ألوان البلاء والشدائد، وبخاصة أنبياء الله ورسله.
* الإيمان بقدر الله، وأن قضاءه نافذ لا محالة، وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه،
وما أخطأه لم يكن ليصيبه. ...... وأستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه والى أن نلتقى سلام الله عليكم
عماد صلاح