الهندسة الوراثية حتى تاريخ 1970 ميلادية كان إجراء الأبحاث على الحمض النووي ( الدي إن أي)من أصعب الأمور التي كانت تواجه علماء الوراثة و الكيمياء.و كانت معظم الأبحاث تجرى بشكل غير مباشر على الحمض النووي الريبوزي (الأر إن أي)أو البروتين.و لكن الحال تحول بشكل كامل فأصبح علم الوراثة المتعلق بفحص الدي إن أي(و المعروف بعلم الوراثة الجزيئية)من أسهل العلوم و أكثرها تطورا.لقد أصبح من السهل صنع نسخ عديدة من أي جين (مورث) أو مقطع محدد من الدي إن أي.كما أمكن معرفة تسلسل الأحماض النووية بسرعة تتعدى المئات في اليوم الواحد.كما استطاع العلماء استكشاف الجينات الموجودة في على الكروموسومات كما استطاعوا تغيير و تعديلها بشكل الذي يريدون و ليس هذا فحسب بل استطاعوا أن يعيدوا هذه الجينات المعدلة إلى الخلية و غرزها في الكروموسوم الذي يريدون.كما أمكن إنتاج كميات كبيرة من البروتينات كالهرمونات و اللقاحات المختلفة و التي كانت تنتج في السابق من الجثث الميتة أو تستخلص من الحيوانات و التي كانت تحوفها المخاطر من انتقال العدوى إلى الإنسان.كما أن هذه الثورة العلمية فتحة المجال أمام الكثيرين من محبي هذا العلم في اختراع و اكتشاف طرق جديدة و حديثة في التعامل و حفظ و تغيير هذه المادة الحيوية في الإنسان و الحيوان و النبات.لقد غير هذه العلم المنطلق كالصاروخ الكثير من المفاهيم الطبية و التي دفعة كثير من كليات الطب إلى تعديل مقرراتها لتزويد طلابها بالمزيد من هذا العلم.
لقد أُطلق على عملية نسخ و تعديل و زرع الجينات اسم الهندسة الوراثية و هو اسم عام لا يحدد فكرة معينة أو تقنيه محدده، ولكنه يعني بكل ما يقام به في تغيير أو تعديل المادة الوراثية.و يتفرع من هذا العلم الكثير من التقنيات و هي متناثرة و موزعة على الكثير من فروع الطب و العلوم.و ليس للحصر إليك أهم 6 تقنيات تختص بالهندسة الوراثية:
1-قص و قطع الحمض النووي(Cleavage of DNA ) بمقصاة خاصة تسمى (Restriction Nucleases )و اكتشاف هذه المقصاة ساعد كثيرا في مهمة التحكم في الدي إن أي.
2- فصل قطع الدي إن أي على لوح من الجل بالكهرباء (Gel Electrophoresis ).
3-معرفة التسلسل النووي(DNA sequencing ) لكل قطع الدي إن أي التي يتم عزلها بشكل سريع و دقيق.و التي تسمح للعلماء معرفة التركيب الإنشائي للجينات و معرفة و استنتاج نوع البروتين الذي ينتج منه.
4- تقنية تهجين الحمض النووي(Nucleic acid hybridization )، و التي مكنتنا في معرفة أحجام القطع من الحمض النووي و الكشف عن القطع المحددة من الحمض النووي في خليط معقد من القطع المتشابهة.
5-استنساخ الدي إن أي(DNA cloning )، و التي تسمح بإنشاء نسخ عديدة و متطابقة من القطع الدي إن أي.
6-تقنية هندسة أو تعديل الدي إن أي (DNA engineering )، و التي تسمح بإنتاج نسخة معدلة من جين ما ثم أعادته مرة أخرى إلى الخلية.
قص و قطع الحمض النووي:
كما هو معروف فان البروتينات موجودة داخل الخلية على شكل قطع منفصلة عن بعضها البعض و هذا بالطبع سهل عملية فصلها عن بعضها البعض بطرق فنية مناسبة.ولكن الجينات موجودة على الكروموسومات على شكل حبات متصلة ببعضها البعض و ليست على شكل قطع منفصلة.وهذا التسلسل و الترابط في الجينات جعل عملية فصله و عزل و استخلاص جين محدد من بقيه الجينات مهمة صعبة ان لم تكن مستحيلة قبل عام 1970.
ولكن اكتشاف الإنزيمات القاطعة(Restriction Nucleases ) ساعد في عملية استخلاص الجينات و قطع الدي ان أي و نسخها .
الإنزيمات القاطعة (Restriction Nucleases )
لا شك أن كل كائن حي لديه طرق دفاع مختلفة تحميه من غارات الأعداء و هجوم المعتدين! و البكتيريا هي إحدى هذه الكائنات و لها أعداء كثر و من أهم أعدائها الفيروسات المختلفة.و لقد قامة بعض من البكتيريا بإنتاج خمائر(إنزيمات) مهمتها تدمير الفيروسات.و من هذه الإنزيمات الإنزيمات القاطعة أو (Restriction Nucleases).و تقوم هذه المقصاة أو القواطع بقص الحمض النووي(الدي إن أي)للفيروس و بذلك يشل عمله و يبطل مفعولة. و بما أن الدي إن أي مادة موجودة بشكل طبيعي في البكتيريا كما هو الحال في الفيروسات و الكثير من الكائنات الحية فان هذه المقصاة قد تشكل خطرا على البكتيريا نفسها في قصها لدي إن أي الخاص بها.ولكن هذا لا يحدث و السر في ذلك هو قيام البكتيريا بتحوير أجزاء من الدي إن أي الخاص بها عن طريق إضافة مجموعة الميثيل( Methyl) إلى بعض الأحماض النووي من نوع الادنين او السيتوسن(Methylation at an A or a C residue ) فلا يستطيع المقص أو القاطع من قص الحمض النووي الخاص بالبكتيريا.و عند اكتشاف هذه القواطع في السبعينيات الميلادية بدأ العلماء في استخدامها كمقصاة لقص الدي إن أي .و ساعدتهم هذه المقصاة في عملية التحكم في الدي أن أي.و يوجد حاليا أكثر من مائه نوع من هذه المقصاة.و تقسم هذه المقصاة إلى نوعين رئيسيين، النوع الأول يقص شريط الدي إن أي المزدوج بشكل رأسي مستقيم(Blunt ends) و النوع الثاني يقص بشكل متعرج(Staggered cuts, ) و بتالي يجعل طرفي الدي إن أي المقطوع مادة قابلة "للزق"قطعة غريبة من الدي أن أي فيها.و عن لزق قطعة من الدي إن أي في داخل الفراغ الناتج من القطع ينتج لنا قطعة مركبة من قطعتين مختلفتين من الدي إن أي و هذه القطعة تسمى دي إن أي مهجّن أو (Recombinant DNA).
كيف يتعرف الإنزيم القاطع على المكان المفترض أن يحدث القطع فيه؟
كل إنزيم قاطع يعتبر عن مقص خاص لقطع الدي إن أي في نقطة محددة.و يتعرف الإنزيم القاطع على مكان القطع حسب تسلسل الدي إن أي للقطعة.فكل إنزيم قاطع يقطع في تسلسل محدد.فمثلا الإنزيم القاطع المعروف بالهيبا و احد(Hpa I )يقطع عندما يجد 6 من الأحماض النووية في هذا التسلسل ( GTTAAC) بينما الإنزيم القاطع إيكو أر واحد (Eco RI ) يقطع عندما يجد 6 من الأحماض النووية في هذا التسلسل( GAATTC).و للمعلومية فان هيبا واحد سمي بهذا الاسم لأنه يوجد في بكتيريا الهيموفلس بارا انفلونزا (Hemophilus parainfluenzae ) و هذا الإنزيم يعتبر من الإنزيمات التي تقطع بشكل رأسي مستقيم.بنما انزيم الايكو ار واحد فهو مأخوذ من بكتيريا الايكو كولي (Escherichia coli )، ويعتبر من الإنزيمات التي تقطع بشكل متعرج.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]