هارون الرشيد أمير المؤمنين
" كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ، ذا حج وجهاد وغزو ، وشجاعة ورأي " . ( الحافظ الذهبي )
" كان لهارون الرشيد قلنسوة مكتوب عليها : غاز حاج " ( الطبري )
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :
- أهدي هذه الكلمات إلى كل مسلم غيور على دينه وعلى تاريخ أمة الإسلام والمسلمين .
فهذه سطور قد كتبتها دفاعا عن أمير المؤمنين وخليفة المسلمين" هارون الرشيد "وذلك تعقيبا على معلومات قد أوردها الأستاذ " محمد عبد الله عنان " في كتابه الموسوعي دولة الإسلام في الأندلس ( ط مكتبة الخانجي ، 8 مجلد ) ..
- ظلت هذه السطور مدفونة عندي وسط مسودات كنت قد أعددتها للكتاب منذ قراءتي له عام 2004م ، وكنت قد نسيتها تماما ، وشاء المولى عز وجل وبينما أنا أرتب مسوداتي القديمة أن تقع في يدي المسودة الآتي بيانها ، فعرضتها على مولانا السلطان بايزيد ( حفظه الله ) فنصحني جزاه الله خيرا أن أقوم برفع هذه السطور في قسم التاريخ بالمنتدى حتى تعم الفائدة .
- ذكر المؤلف في ثنايا الكتاب وخصوصا ص233 ، ص 234 استنادا إلى روايات لاتينية أنه كانت هناك مكاتبات وسفارات متبادلة بين ملوك الفرنجة والخلفاء العباسيين وخاصة في عهد المنصور والرشيد / وقال ما مفاده بأن هناك غرض من حدوث تعاون غير مباشر بين دار الخلافة في بغداد وملك الفرنجة ( شارلمان ) لمناؤة إمارة قرطبة المسلمة وذلك تحقيقا لمصالح كلا الطرفين :
- الفرنجة / ( تأمين حدودهم الجنوبية – الحد من توسعات المسلمين في جنوب فرنسا ) .
- العباسيون / ( تأمين أنفسهم من تبعات نمو الإمارة الأموية الفتية والتي من الممكن أن تنافسهم في الحكم ذات يوم ) .
- وقد وصل الأمر بالمؤلف أن رجح مثل هذا الفرض .
.أقول وبالله التوفيق : وما أنا إلا عبد ضعيف يرجو عفو ربه ..
من خلال قراءتي للتاريخ الإسلامي واطلاعي على الكثير من المواقف فيه فإننا ننزه خلفاء المسلمين العظماء الأتقياء ( نحسبهم كذلك والله حسيبهم ) عن هذه المكائد والدسائس ، وإن افترضنا أن هذا ممكن الوقوع فليس بأن يصل الأمر إلى تهديد الإسلام والمسلمين ككل وخصوصا في عهد الرشيد ( رحمه الله ) فمواقفه الحاسمة وسيرته تشهد بأنه لا يمكن وإن حدثت بينه وبين الفرنجة مكاتبات وتبادل سفارات أن يكون وراءها ممالئة على المسلمين حتى ولو كانوا في إمارة غير خاضعة لسلطان الخليفة العباسي . الرشيد في التاريخ : - لذا فنحن ننزه الرشيد ( رحمه الله ) عن مثل هذا فمن لا يعرف .. ؟ ؟ ؟- الرشيد وهو الذي كان يقف في شرفة قصره ويناجي السحابة ويقول لها" أينما أمطرت فسيأتيني خراجك " .- الرشيد الذي كان يجاهد في سبيل الله عاما ويحج عاما .- الرشيد الذي ما إن سمع بأن الروم نكثوا العهد ورفضوا دفع الجزية وهاجموا حدود المسلمين جرد الجيوش وبعث رسالة إلى ملك الروم يقول له فيها : " من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم ، اعلم يا ابن الكافرة أن الخبر ما ترى وليس ما تسمع ، لأبعثن إليك بجيش أوله عندك وآخره يخرج من عندي " .- الرشيد المنفق المتصدق البكاء القائم لله بمئة ركعة إلى إن مات .- الرشيد خليفة المسلمين الذي ارتحل ليطلب العلم هو وابنيه ليسمعوا الموطأ منهم الإمام مالك ( رحمه الله ) .- الرشيد المحب للعلماء المعظم لحرمات الدين المبغض للجدال وأهله .- الرشيد الذي قضى على البرامكة وأتباعهم الزنادقة .- الرشيد الذي افتدى أسرى المسلمين ولم يبق منهم أسيرا واحدا .- الرشيد المجاهد فاتح حصن الصفصاف عنوة ، وهرقلة ( سلوا عنه نقفور كلب الروم ) .- الرشيد الورع الذي لما أحس باقتراب اجله أمر بقبره فحفر ، فلما فرغوا منه حملوه إليه فنظر إليه وقال" يا بن آدم تصير إلى هذا " . خلاصة :أولا : فحسن الظن الذي أمرنا الله تعالى به في كتابه ، وحثنا عليه النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أحاديثه يقتضي منا أن نحسن الظن في أمراء وسلاطين المسلمين ، حتى وإن زلوا أو أخطئوا ، ويجب علينا ألا نعتمد على أقوال الكفار ونقبلها دون تحليل من الناحية الشرعية بحجة الأمانة العلمية وحرية الفكر ...... كلمة أخيرة
ويبقى الرشيد منارة في عالم الإسلام والمسلمين ، شأنه شأن معظم أمراء المؤمنين الذين ملئوا الدنيا عدلا وخيرا ورحمة ، وكانوا حربا على الظلم والشر والفسوق . ولا يضير الرشيد في شيء إن ألحقت بسيرته التشوهات البشعة ، ولكن يضير ذلك المسلمين في شتى أقاليمهم وتباين أزمنتهم ، ذلك لأن هذه التشوهات هي التعبير السلبي والتصوير العملي للحرب ضد المسلمين منذ ظهور الإسلام وحتى آخر الدنيا وما بقي الإسلام في صراع ضد أعدائه ، وما بقيت شريعة الله حربا على أعداء الله . ولينصرن الله من ينصره والعاقبة للمتقين . ( الرشيد القائد/161 / بسام العسلي . ط دار النفائس ) . هذا وجزاكم الله خيرا
- لمن أراد الرجوع إلى تعليق المؤلف تفصيلا فعليه بالرجوع إلى كتاب ( دولة المسلمين في الأندلس ) المجلد الأول ص233 فقرة 2 ، ص234 ؛ حتى ص235 فقرة 1 ( طبعة مكتبة الخانجي / الهيئة المصرية للكتاب عام 2003م ) .