[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حُسن الظن بالله ثمنه الجنة..
فكيف تُحسن الظن بالله تعالى لتنول الجنة..؟
﴿ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [ سورة آل عمران : الآية 154 ]
وكأن المسلمين اليوم تنطبق عليهم هذه الآية :
ذلك أن حسن الظن بالله ثمن الجنة ، ولأن الإيمان كله حسن ظن بالله تعالى ، فمن ظن أن الله لا ينصر رسوله ، وأن أمر هذا الدين سيضمحل ، وأنه يسلِم أتباعه إلى القتل ، فمن ظن بالله ظن غير الحق ظن الجاهلية فقد باء بغضب من الله، لكنّ الله جل جلاله لا يتخلى عن دينه ، ولا يتخلى عن عباده المؤمنين الطاهرين.، ومن ظن أن الذي يصيب المسلمين ليس بقضاء من الله وقدر الله عز وجل ، وأنه خَلَق الخَلق وتركهم ، خلق قوياً ، وخلق ضعيفاً ، وتركهم وشأنهم ، فالقوي يأكل الضعيف ، والغني يمتص دم الفقير ، ومن ملك من الدنيا حظوظاً عالية تمتع بالحياة وحده ، وهذه هي الجنة من ظن ذلك فقد ظن بالله غير الحق ظن الجاهلية ، لا يمكن أن يقع في الكون شيء لا يريده الله ، هذا لا ينسجم مع ألوهية الإله الواحد ، فلا يمكن أن يقع في الكون شيء لا يريده الله
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
(( لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ )) .
قال تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾ [ سورة الأنفال : الآية 36]
لا تقلق على هذا الدين ، إنه دين الله ، ولكن اقلق ما إذا سمح الله لك أو لم يسمح أن تكون جندياً له
المُسلم عنده فهم خاطئ للواقع
كان هناك مساحة كبيرة جداً من اللون الرمادي بين الأبيض والأسود ، فهذه الأحداث التي تسارعت وتفجرت في الحقبة الأخيرة ألغت المساحة الرمادية ، وأبقت بياضاً ناصعاً ، وسواداً قاتماً إما أنه ولي لله ، أو إباحي : إن عزة الله تأبى أن يذل حزبه وجنده ، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لغير المؤمنين ،
لكن غير المؤمنين قد ينتصرون انتصاراً مؤقتاً ، فللباطل جولة ، ثم يضمحل ، ومن ظن غير ذلك فإنه ما عرف الله عز وجل، كيف يمكن أن يأمرك الله أن تعبده وقد أسلمك إلى غيره كيف ؟ هل تتصور أن يأمرك الله أن تعبده وحده ، وقد أسلم مصيرك إلى غيره إلى عدو حاقد ، إلى عدو لئيم ، إلى عدو قوي ، إلى عدو يتمنى فناءك
ما معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام :
(( لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةٌ ، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ )) . [أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ]
الإنسان عاجز على أن يكشف حكمة وقوع الأشياء
عقلك عاجز عن كشف عدل الله ، إلا بحالة مستحيلة ، أن يكون لك علم كعلم الله، ولا يسلم من هذا الظن السيئ إلا من عرف الله ، وعرف أسماءه، وعرف صفاته، وعرف موجب حمده وحكمته ، فمن قنط من رحمة الله ، ويئس من روح الله فقد ظن بالله غير الحق ظن الجاهلية.
هناك من يقول: كلما دعونا الله على أعدائنا ازدادوا قوة ، إنك تسخر بقضاء الله وقدره، سيدنا عمر دخل على النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد اضطجع على حصير، وقد أثر الحصير في خده الشريف ، فبكى ، قال : يا عمر ، ما يبكيك ؟ قال عمر: رسول الله ينام على الحصير ، وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير ؟ هذه مفارقة ما فهمتها سيد الخلق ، وحبيب الحق ينام على الحصير ، وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير ؟! قال : يا عمر ، أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا ؟ [مسلم]
في رواية أخرى : يا عمر ، إنما هي نبوة ، وليست ملكاً ، أنا لست ملكاً ، النبي عليه الصلاة والسلام قدوة للمؤمنين في تواضعه ، في تقشفه ، في رحمته ، في إخلاصه، من ظن أن الله يضيع على المؤمن عمله الصالح ، كمؤمن عُرِض عليه عمل دخله كبير جداً ، كان من الممكن أن يكون من أصحاب الملايين ، لكنه خاف من الله ، واكتفى بدخل محدود ، عاش به حياة خشنة ، لأنه يرضي الله بهذا الدخل الشرعي ،
من ظن أن الله يضيع على هذا الإنسان عمله الصالح ومؤاثرته لرضاء الله عز وجل ، والله لزوالُ الكون أهون على الله من أن يضيع
على المؤمن هذا العمل العظيم ، لكن نحن في دار ابتلاء ، ولسنا في دار جزاء ، نحن في دار القوي قوي ، والغني غني ، والفقير فقير ، لكن يوم القيامة :
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ {الواقعة/1} لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ {الواقعة/2} خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ {الواقعة/3}
الذي يبدو عند الناس في الحضيض هو في أعلى عليين ، والذي يبدو عند الناس في أعلى عليين هو في الحضيض، في هذه المحنة الشديدة التي أصابت المسلمين ، والتي هي من أشد المحن فرز الناس إلى مؤمن قوي ، يحسن الظن بالله ، وإلى مؤمن ضعيف يظن بالله غير الحق ظن الجاهلية ، فرز الناس إلى من لا تهزه هذه الأحداث ،
بل تزيده ثبوتاً على عقيدته السليمة ، وعلى طاعته لله ، وبين أن تهز هذه الأحداث إيمانه فهو هائم على وجهه لا يعرف أين يستقر، العاقل من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والجاهل من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني
مُلخص من درس لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسى