لِبِنْتٍ صَاحَبَـتْ قَلْبَـاً وتَحْسَبُـهُ نَبِيَّاً مِنْ عُصُوْرِ الحُـبِّ مَسْـرَاهُ |
لَهُ مَاضٍ مِـنَ الأحْـزَانِ تَسْكُبُـهُ إِذَا هَجَعَتْ عُيُـوْنُ اللَيْـلِ عَيْنَـاهُ |
يُهَدْهِدُ مِنْ حَنَايَا القَلْـبِ أُمْسِيَـةً كَعُصْفُـوْرٍ تُشَكْشِـكُ صَـدْرَهُ الآهُ |
فَمَا أَلْفَـى لَـهُ عُشْـاً و دَاوَمَـهُ سِوَى التِّرْحَالِ و التَّغْرِيْبِ مَسْـوَاهُ |
جَرِيْحٌ فِي سَمَاءِ النِّيْلِ قَدْ أَمْسَـى يَجِزُّ جِنَاحَـهُ الصَّيَّـادُ ، ويْـلاَهُ |
بِهِ خَوْفٌ كَطِفْلٍ صَـارَ فِـي بِئْـرٍ غَزِيْرِ البَرْدِ لَمْ يُسْمَـعْ لَـهُ فَـاهُ |
تَغَـرَّبَ فِـي بِـلاَدِ اللهِ مُحْتَمِـلاً خَطَايَا الحُبِّ فَوْقَ ذِنُـوْبِ دُنْيَـاهُ |
لَيَالِي التِّيْهِ تَرْمِيْـهِ إِلَـىَ صَخْـرٍ وهَذَا الصَّخْرُ مَا أقْسَـاهُ أصْمَـاهُ |
يَدُوْرُ كَمَنْ بِهِ ظَمَأٌ عَلَـىَ صَحَـرٍ يَسُحُّ الغَيْثَ عَـلَّ الغَيْـثُ يَلْقَـاهُ |
ويَصْرُخُ فِي صَمِيْمِ الصَّمْتِ يَا رَبِّي أنَا قَدَرٌ بِعُمْـقِ الحُـزْنِ ، رُبَّـاهُ |
أَنَا طِفْلٌ و إِنْ شَعْرِي بَـدَا شَيْبَـا أَنَـا وَجَـعٌ وإِنْ غَنِّيْـتُ أَحْـلاَهُ |
نَحِيْفُ الرُّوْحِ لاَ يَقْوَىَ عَلَـىَ قَـارٍ حَنِيْنُ الشَّمْـعِ إِنْ شَبَّـتْ خَلاَيـَاهُ |
وأُوْشِـكُ مِنْ لَظَى الأَيّامِ تَسْحَقُنِـي كَعُشْبٍ يَابـِسٍ هَـشًّ ، فَوَيْحَـاهُ |
أضَعْتُ العُمْرَ تِرْحَـالاً و تَغْرِيْبَـاً وقيََّدَنـِي زَمَـانُ القَهْـرِ قَـيْـدَاهُ |
فَقَدْ أمْسَيْـتُ لاَ أهْـلاً و لا خِـلاًّ ولاَ وَطَنَاً وكَـمْ أشْتَـاقُ رُؤْيَـاهُ |
فَهَبْ لِي مِنْ ضِيَاءِ الفَجْرِ بَارِقَـةً تُعِيْدُ العُمرَ حَيْـثُ النُّـوْرُ مَـأْوَاهُ |
وكَانَتْ مِثْلَ وَجْهِ الصُّبْحِ مُشْرِقَـةً وضَيِّ البَدْرِ إِنْ أمْسَتْ و مَحْيَـاهُ |
إِلَيْهَا الحُسْنُ مَنْسُوْبَاً لَهَـا مَثَـلا ومِنْهَا العِطْرُ و الرِّيْحَانُ مَسْـرَاهُ |
تَفُوْحُ الطِّيْبَةُ البَيْضَاءُ مِنْ فَمِهَـا وعَيْنَاهَـا سِـرَاجٌ شَـقَّ مَجْـرَاهُ |
كَأُغْنِيَـةٍ مِـنَ الأزْهَـارِ مُبْهِجَـةٍ تَخَلْـلَّ لَحْنَهَـا أَمَـلٌ و أَذْكَــاهُ |
إِذَا ابتَسَمَتْ تَسَابَقَ نَحْوَهَا طَرَبَـاً نَسِيْمُ البَحْـرِ و الأمْـوَاجُ أدْنَـاهُ |
فَلَمْ يَعْرِفْ لَهَـا عَيْنَـاً ولاَ خَـدَّا صَرِيْرُ الحُزْنِ مُنْذُ المَهْـدِ أقْصَـاهُ |
بَعِيْـدَاً عَـنْ لَيَالِيْهَـا وأَسْكَـنَـهُ هَوَاهَا المُبْهِـجُ البَحَـرِيُّ سُكْنـَاهُ |
أَحَبَّتْـهُ و لَـمْ تَـدِرِي حَكَـايَـاهُ وأصْمَـتْ قَلْبَـهُ سَهْمَـاً فَأَحْيَـاهُ |
فَإِنَّ العَشْقَ إِنْ يَقْتُـلْ لَـهُ صَبَّـا فَأَجْمَـلَ مِنْـهُ حُبَّـاً رَدَّ مَـوْتَـاهُ |
كَحَقْلٍ مُجْهَـدٍ تَعِـبٍ بـَلاَ مَطَـرٍ قَـلاَهُ النَّهْـرُ أَزْمَـانـَاً وآتَــاهُ |
فَصَـارَ الحُـبُّ بُسْتَانَـاً يُظلّلُنَـا ورَوْحَـاً هَائِمَـاً فِيْنَـا رَأَيْـنَـاهُ |
كَسَانَـا الحُسْنَ إِيْمَانَـاً وأهْدَتْنَـا مِنَ الإِخْـلاَصِ مَسْبَحَـةً هَدَايَـاهُ |
وكَمْ طَارَتْ بِريْشِ الشِّوْقِ رَاحَتُنَـا حَمَـامٌ زَاجِـلٍ تُـرْوَىَ حَكَايَـاهُ |
و مَا مَرَّتْ مِنَ الأفْرَاحِ ضِحْكَـاتٍ وجَاءَتْ دَمْعُهَا يِشْكُـو و نَجْـوَاهُ |
تَقُوْلُ عَلَيْكَ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ صَـدْرِي نِسـَاءٌ أنْـتَ تَعْرِفُهَـا و أَشْبَـاهُ |
أَحَقَّاً يَا زَمَانَ الحُزْنِ فِـي زَمَنِـي أَقَلْبُكَ مِثْـلُ قَـاعِ البَحْـرِ قَتْـلاَهُ |
أتَعْشَقُ كَيْ تَقُوْلَ الشِّعْـرَ أنْغَامَـا وتَكْتِـبُ قِصَّـةً ثَمْلَـىَ وتَسْـلاَهُ |
وعَيْنَيْكِ الَّتِـي أَلْغَـتْ حِكَايَاتِـي وأَشْعَارِي ولَحْنـَاً كُنْـتُ دُنْيَـاهُ |
هَوَاكِ الغَضُّ مِنْ شِرْيَانِ أوْرِدَتِـي كَنَهْـرٍ عَانَـقَ الشَّـلاَّلُ أعْــلاَهُ |
أَنَا بَحْـرٌ مِـنَ الأحْـزَانِ قَاطِبَـةً بِدَرْبِ الحُـبِّ تُغْرِقُنِـي خَطَايـَاهُ |
ومَـنْ مِنَّـا بِـلاَ مَاضٍ يُطَـارِدُهُ وتَنْـزِفُ مِنْـهُ أوْجَاعَـاً حَنَايَـاهُ |
فَصَاحَتْ : لَمْ تَكُنْ يَوْمَاً حَبِيْبَاً لِيْ ولاَ قَلْبِـي لِهَـذَا القَلْـبِ أُنْثَـاهُ |
أَيَا مَنْ ضَيَّعَ الأحْلاَمَ مِـنْ كَفِّـيْ حَبِيْبَـاً كَـانَ يَعْشَقُنِـي وأهْـوَاهُ |
وأغْرَانِـي بِحُـبًّ زَائِـفٍ كَـذِبٍ كَلاَمَـاً كَـانَ يَكْتُـبُـهُ وأقْــرَاهُ |
فَبِعْتُ لأَجْلِهِ الدُّنْيَـا ومَـا فِيْهَـا ولَمْ أَحْزَنْ عَلَيَ بَيْعِـي و ذِكْـرَاهُ |
قَصَاصَاً مِنْكَ عِشْ مَوْتَاً إِلَىَ الأَبَـدِ وعَانِ المُرَّ طُـوْلَ العُمْـرِ مُـرَّاهُ |
وغَزَّتْ حَرْفَهَا المَسْمُوْمَ فِي رَمَقِي وأرْدَتْنِي لِحيْـث ُالمَـوْتِ أقْسَـاهُ |