من حرب اكتوبر المجيدة

كانت إسرائيل قد فوجئت بأن جبهة جديدة قد فتحها المصريون في المنطقة الجبلية الوعرة جنوب سيناء‏,‏ وأن رجال الكوماندوز والاستطلاع الذين تم إسقاطهم بواسطة طائرات الهليكوبتر المصرية ليلا قد سيطروا علي كل المحاور والطرق في هذا القطاع وجعلوا منه مقبرة لكل مركبة إسرائيلية تحاول الاقتراب من هذا القطاع‏.‏
وتحت مظلة المسيرة المصرية‏'‏ المباغتة‏'‏ علي هذا القطاع الحيوي من سيناء‏-‏ الذي حرم الإسرائيليين من حرية المناورة والالتفاف لإمكان تطويق الجيش الثالث المصري‏-‏ قامت مجموعة من رجال العمليات الخاصة بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي بمهاجمة آبار البترول في بلاعيم وإشعال النيران فيها في الساعة التاسعة من مساء السابع من أكتوبر لحرمان إسرائيل من الحصول علي بترولها‏,‏ فضلا عن نجاح المجموعة بتحطيم وإغراق حفار إسرائيلي كانت إسرائيل قد استقدمته لإجراء عمليات توسيع وتطوير في حقول بلاعيم وأبورديس‏.‏
وأتذكر الآن آخر مرة رأيت فيها الشهيد إبراهيم الرفاعي في الساعة السابعة من صباح اليوم التالي لعملية‏'‏ بلاعيم‏'‏ صباح‏8‏ أكتوبر‏...‏ يومها دخل علينا الرفاعي في مكتب المتحدث العسكري المصري بمبني القيادة المشتركة ووجهه ينطق بفرح وسرور بالغ ويريد علي وجه السرعة أن نجري تحميضا وطبعا للفيلم الكامل الذي يصور معركة بلاعيم ثم كانت فرحته الكبري لعدم إذاعة أي بيان عسكري عن العملية ـ رغم نجاحها ـ لاعتبارات تتعلق بسلامة رجاله من ناحية واعتبارات الأمن والسرية المتعلقة بعمليات أخري وشيكة من ناحية أخري‏.‏
وأتذكر الآن أن البيان الخاص بتنفيذ عملية بلاعيم الجريئة لم يصدر إلا بعد مرور أكثر من‏26‏ ساعة من إنجازها‏,‏ ففي اللحظة التي اتفق فيها علي إذاعة بيان عملية‏'‏ بلاعيم‏'‏ كان إبراهيم الرفاعي ورجاله يهاجمون بجرأة نادرة الموقع الإسرائيلي الحصين في أقصي شمال الجبهة شرق بور فؤاد‏...‏ وذلك أمر له دلالته في تأكيد دقة وبراعة التنسيق في منظومة العمل العسكري المصري في حرب‏6‏ أكتوبر بتناغم كامل‏'‏ عسكريا وسياسيا وإعلاميا‏'.‏
والحقيقة أن يوم السابع من أكتوبر سوف يبقي يوما مشهودا لأنه اليوم الذي شهد معارك تثبيت وإنجاح عملية العبور كما شهد دحر كل محاولات الضربة المضادة التي كانت إسرائيل تبني حساباتها عليها‏'‏ برا وبحرا وجوا‏'...‏ ومن ثم فإنه مع غروب شمس هذا اليوم كانت كل الضفة الشرقية للقناة قد أصبحت في أيدي قواتنا تماما باستثناء نقاط لسان بور توفيق والقنطرة شرق وبور فؤاد التي لم تكن قد استسلمت تماما ولكنها أصبحت تحت الحصار والسيطرة المصرية الكاملة‏.‏
كان واضحا من دلالات وقوع الهجوم الإسرائيلي المضاد بالمدرعات علي عمق يتراوح بين‏6‏ كيلو مترات و‏8‏ كيلو مترات شرق القناة أن الإسرائيليين فقدوا تماما كل وسيلة اتصال لهم بخط بارليف الذي سقط معظمه في اليوم الأول للحرب بينما بقيت بعض النقط الحصينة تقاوم وتتحصن في الدشم المنيعة تحت حصار لا يمكنها من فعل أي شيء‏!‏
وغدا نواصل الحديث‏..‏
‏***‏
خير الكلام‏:‏
ــــــــــــــــــــــ
‏**‏ رجال يرون الذل عار وسبة‏..‏ ولا يرهبون الموت و الموت مقدم‏!‏
وفي المره القادمه ساشرح لكم من هو البطل ابراهيم الرفاعي