1. بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد :
اعلم اخي المسلم ان اللسان إنما خلق لتكثر به ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه، وتظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك. فإذا استعملته في غير ما خلق له، فقد كفرت نعمة الله تعالى فيه، وهو أغلب أعضائك عليك وعلى سائر الخلق، فإن اللسان من نعم الله العظيمة ومع انه صغيرلكن جرمه عظيم فانه يختلف عن باقي اعضاء الجسم فمثلا العين لا تصل إلى غير الألوان والصور والآذان لا تصل إلى غير الأصوات واليد لا تصل إلى غير الأجسام وكذا سائر الأعضاء واللسان رحب الميدان ليس له مرد ولا لمجاله منتهى فمن أطلق اللسان وأهمله مرخى العنان سلك به الشيطان في كل ميدان، ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله ...
وهنا لانتكلم عن الغيبة او النميمة او غيرها من الامور المعروفة التي اذا ما تحدثنا عنها قال المستمع او القارىء انا نعلم حكم هذه الامور ولكننا نتحدث عن الكلام الذي يتفوه به بعض الناس ولا يلقي له بالا ويعتبره من الامور الاعتيادية اما من باب المزاح او اللهو او من اجل ان يضحك الجالسين من حوله فمثلا كما قال فضيلة الشيخ صالح بن عبالعزيز يأتي ذكر القبر مثلاً وأنه نور يجيء واحد ويقول والله كهرباء زين، مثل هذا الكلام حرام وقد يهوي به القائل، أو يقول كشاف ألف شمعة أو مثل هذا الكلام؛ يعني قد يحصل أنهم يتناقلون مثل هذا الكلام ويقولونه بينهم؛ لكن مثل هذا لا يجوز البتة.
ونجد بعض من الجهال اذا ما تشاجر على سبيل المثال مع احد الاشخاص نعته بابشع الالفاظ
فانه هنا قد وقع كبيرة من الكبائر كما قال الامام الذهبي وهي قذف المحصنات دون ان يشعر وقد استحق العقوبة عليها كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم " مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ )
وكثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش الذي عليهم فيه العقوبة في الدنيا والآخرة ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)
وفي الحديث عن معاذ بن جبل: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به. فقال: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ "(رواه الترمذي)
ومن الناس من ينادي المسلم بغير اسمه كان يقول له يايهودي او ياكافر والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: « إذا قال الرجل لصاحبه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما »
وهنالك بعض الناس يتحدث فيكذب ليضحك الناس ويراها من باب المزاح ولا شيىء في ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له ))رواه الترمذي وغيره
وقد يقول كلمة ويقول مقصدي حسن ، وليست المسألة بالمقاصد، لابد أن تتقي الله - عز وجل - في ألفاظك، أن تخاف الله بما تنطق به حتى مع أهلك وحتى مع أولادك وحتى مع جيرانك وحتى في عملك،وفي كل مكان لانك مسلم فالمسلم وقور يتحَرَّى في لفظه ويتحرى في تعامله؛ واعلم انك تحاسب على لسانك في كل ما تقوله.
ومن هذا يتبين لنا خطر اللسان ، وما يترتب على ألفاظه من مؤاخذات
وقد كان السلف رحمة الله عليهم يخافون من فضول الحديث كخوفهم من الأمور المحرمة؛ خوف الاشتغال بها فتوصلهم إلى الحرام،
ولذلك يقول العلماء: الأمر في أهل العلم وأهل الفضل آكد، كالأئمة والخطباء والوعاظ والدعاة والعلماء ونحوهم، هؤلاء ينبغي عليهم أن يحفظوا ألسنتهم، وأن يتحفظوا فيما يتكلمون فيه ويسمعونه، فإذا جلس الإنسان في المجلس ووجد فضول الكلام وفضول الأحاديث، اشتغل بما يعنيه من ذكر الله عز وجل والتسبيح والاستغفار، قال أحد الصحابة رضي الله عنه: ( كنا نعد للنبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد أكثر من سبعين مرة: أستغفر الله، أستغفر الله ) لأنه قدوة، ولأنه كان إماماً في الخير وكان معلماً للخير، فكان إذا جلس استغفر الله، فما كان يشتغل بما لا يعنيه صلوات الله وسلامه عليه، فالمنبغي على الإنسان أن يحرص على هذه الخلة.
فالواجب على كل مؤمن فضلاً عن طالب علم، فضلاً عن قدوة، أن ينزه نفسه عن الوقيعة في إخوانه المسلمين، ولا يشعر المرء أن الناس مراتب فيحتقر بعضهم؛ فقد يكون الشخص الذي تراه أشعث أغبر ذي طمرين ليس معروفاً في نسبه وليس عنده وظيفة ويكون ضعيفاً فقيراً لكنه عند الله أمة: (رب أشعث أغبر ذى طمرين تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبره)،رواه الحاكم وغيره
فاحفظ لسانك اخي المسلم من المزاح والسخرية والاستهزاء بالناس ومن الكذب ومن الغيبة ومن اللعن ومن المراء والجدال ومن الجهر بالكلام السيىء ..
فالحذر الحذر من زلات اللسان ، ولنتوق في ألفاظنا وننتق عباراتنا ، ولنتأدب بآداب الإسلام .
....................................
أسأل الله الهداية للجميع ، وأن يرزقنا الفقه في دينه والعمل بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .والحمد لله
وأستودعكم الله الذى لاتضيع ودائعه ....اخوكم عمادالدين صلاح