قصة قصيرة
سارق الضوء( قصة قصيرة)
</A> |
نافع سلامة:
بعد أن تفشى الليل في مسامي ، وعبدني حارسا يقظا على عتبة بابه ، اعتدت أن أحايل ظلي ليمضي معي بصصاً ، فنسرق من وجه النهار (كيلو جراما) من الأشعة بعدما نلوذ بظهر حائط عجوز يشبه امرأة نسيها الزمن خلفه تذكارا منه بالمشيب والوهن خشية أن يكتشف فعلتنا صقيع الشتاء فيصفعني فاضحا أمري “ يا سارق الضوء“...
أجلس أتمعن مستقبله الباهت المهترئ كثوب اكتسته عائلة أذاب ضلوعها الحر بعد أن قدها البرد ، فصار أكبر ما في العائلة سنا و وهنا .. افحص تضاريسه الملتوية شديدة الانحناءات ، ساقيه الضامرتين كرجلي سرير خشبي متهالك، ذراعيه الطويلتين كأنبوبين من الغاب ، أوردته شديدة البروز ، شعره المجعد ككتان محبوك.. وهو جالس إلى يساري يرسم دائرة حياته المظلمة على رقعة تراب سوداء بعود ثقاب أشعل به سيجارته الصباحية التي سرقها خلسة من ظل أبيه ليتلاشى مع دخانها هربا من ليل موحش ينتظره على تبة المساء كضبع تخلى عن كل شيء إلا الافتراس وأنا ترتعد مفاصل مستقبلي كغراب نتف الخريف ريشه فحط فوق شجرة لم ترزق بأولاد الثمار ولا بنات الأوراق فكأنها نقمة سقطت على نقمة ليزداد كلاهما بالآخر وحشة وتنافرا ..
منشور صحيفة / 14 اكتوبر اليمنية